من الواضح ان معايير المنافسة بين شركات التجارة الإلكترونية قد تغيرت بما يكفي لتدفع فريق التسويق لدى موقع التجارة الإلكترونية "نمشي دوت كوم" Namshi.com لبيع الأحذية والأزياء والملابس الرياضية في الخليج، والتابع لشركة "روكيت إنترنت" Rocket Internet، للسعي وراء الإستفادة المباشرة من حملة إعلانات تليفزيونية شنها منافسهم الأول في المنطقة "سكر.كوم Sukar.com"، وهو موقع تسوق إلكتروني يخدم قطاع الأزياء والموضة في الخليج والأردن ولبنان ومصر، استحوذ عملاق التجارة الإلكترونية "سوق دوت كوم" Souq.com عليه بهدف محاولة مجموعة "جبّار" Jabbar المالكة للموقعين خلق قوى عظمى في سوق التجارة الإلكترونية.
وانضم عملاق البحث الإلكتروني "جوجل" الى وسائل المنافسة بين إدارات مواقع التسوق الإلكتروني، وبمعايير مختلفة عن تلك التي عرفها القطاع فيما سبق.
هذا ما لاحظته عندما قررت زيارة "سكر.كوم" بعدما شاهدت بالصدفة إعلاناته التليفزيونية، وكأي مستخدم تقليدي، كانت بدايتي من جوجل حيث كتبت كلمة "سكر" في خانة البحث، واستوقفتني النتيجة التي جاءت لصالح موقع "نمشي دوت كوم"Namshi.com.
وبحسب فريق التسويق في "نمشي"، فقد تصدر الموقع المرتبة الأولى لنتائج البحث غير المدفوع على جوجل (خاصة جوجل السعودية)، لمدة تزيد عن أربعة أشهر عند استهدفه لكلمة "سكر" باللغتيٌن العربية والإنجليزية. ومن الطبيعي ان يستاء فريق "سكر" من هذا الأمر بعض الشيء. "على الرغم من ذلك، تقبلنا أن نوقف استهداف كلمة سكر، بناءاً على طلب إدارة "سوق"، حرصاً منا على الإبقاء على العلاقات الودية بين الشركتيٌن،" يقول عمرو أبو العينين، مدير التسويق الإلكتروني في "نمشي".
ويؤمن أبو العينين أن إستراتيجية عمل فريق التسويق الإلكتروني في "نمشي" مدروسة بعناية واعتيادية لخدمة أهداف الموقع. فاستهداف العلامات التجارية ككلمات بحثية في نطاق محدود أمر متعارف عليه، وهو يُعتمد في الأساس على استهداف كلمات يبحث عنها مستخدمي الإنترنت، لرفع معدل الزيارات ورفع مستوى تصنيفه وترتيبه علي جوجل. "ويعتبر مثال استهداف كلمة "سكر" البحثية خير مثال على ذلك، وهو نهج تسويقي متعارف عليه في العالم كله، ويقبله جوجل بصدر رحب،" يقول أبو العينين.
ولم يسلم "نمشي" من مواجهة الحرب ذاتها، فكما أوضح أبو العينين: "لدينا منافسون يستهدفون كلمة "نمشي" في إعلاناتهم المدفوعة على جوجل طيلة الوقت، وليس لدينا ما نفعله حيال ذلك لأنها ببساطة إعلانات مدفوعة، أما فيما يتعلق بالزيارات غير المدفوعة على صفحات الموقع، والتي تنتج عن إستهداف كلمات البحث من قبل المستخدمين، فنحن كفيلون تماماً بحماية ترتيبنا في الظهور على جوجل، وهو بالفعل ما نجحنا فيه منذ ان تم تدشين "نمشي" منذ عامين".
ومن جهة أخرى وافقت مديرة التسويق لدى "سكر" سونيا ليخال أن استهداف كلمات البحث أو ما يعرف بـkeywords في قطاع التجارة الإلكترونية أمراً إعتيادياً، شارحة ان فريق التسويق يدرس أكثر الكلمات المستهدفة من قبل المستخدمين على محركات البحث مقارنة مع طبيعة المحتوى المعروض على مواقعهم. "وفيما يتعلق بـ"سكر" و"سوق" نحن نستهدف العلامات التجارية العالمية في كلمات البحث، ويساعدنا في ذلك أن المحتوى لدينا يزخر بما يزيد عن 200 ألف منتج"، تقول ليخال.
وتلعب سلوكيات المستهلك وتغيرها دوراً هاماً، اذ منذ خمس سنوات كان مستخدم الانترنت يبحث على جوجل عن كلمات مثل "شراء" أو "تسوق"، أما الآن فقد أصبح أكثر دراية بما يرغب في الحصول عليه، وبالتالي يستهدف الماركات العالمية والمنتجات بأسمائها. "نحن نتحرى في إستراتيجية العمل عن أولويات المستهلك في ما يخص ماركاته المفضلة،" تقول ليخال.
وبررت ليخال تراجع ظهور "سكر" بنتائج البحث على جوجل بأن الأمر متعارف عليه في قطاع التسويق الإلكتروني، نتيجة لتحديثات مستمرة تُجرى على خوارزميات محركات البحث، وتغيرات مستمرة يشهدها سلوك المستهلك على الجانب الآخر، فقالت: "هذا ما حدث معنا بشكل مؤقت أثناء قيامنا بتحسينات على تصاميم ومحتوى الموقع، ولكننا سرعان ما استعدنا موقعنا مرة أخرى".
وتحفظت ليخال في توضيح مدى تأثر مبيعات "سكر" بإستهداف فريق التسويق في "نمشي" كلمة "سكر"، وقالت في عبارة مقتضبة: "حدث تأثيراً طفيفاً على المبيعات بالفعل، ولكنه ليس مؤثراً، نظراً لأن نهج استهداف أسماء المواقع لا يتسم بالنفس الطويل".
ويبدو أنه في ظل الزخم الذي يشهده قطاع التجارة الإلكترونية حالياً في المنطقة، ما بين شركات عملاقة وأخرى ناشئة، تسعى جميعها لرفع مستوى المبيعات عن طريق إثراء المحتوى وتحسين خدمات الشحن والتوصيل وتنويع خدمات الدفع، بهدف التغلب على التحديات التي تواجه هذا القطاع، ليست تجربة "نمشي" وسكر" إلا بداية لقوانين تنافسية جديدة دخيلة على قطاع التجارة الإلكترونية، وهي قوانين من المتوقع أن تأتي كل يوم بجديد لتُمكِن المتنافسين من اللحاق بقطار التكنولوجيا الرقمية، ولكن في ظل تلك التغيرات هل سيكون البقاء للأقوى أم الأفضل؟
---إيمان مصطفى، صحافية مولعة بجديد التكنولوجيا وعالم الأعمال الريادية، تكتب لمؤسسة "أرقام وأرقام ديجيتال"، يمكنكم التواصل معها على إيميل eman.wamda[at]gmail[dot]com، أو متابعتها على تويتر @EmanMos24674178.