"خطرت في بالي الفكرة في أحد الأيام عندما كنت أسير في شوارع رام الله"، أخبرنا أشرف الكسواني. "كنت أسير خلف شابين في أواخر الثلاثينيات من العمر وسمعت مصادفة أحدهم يقول إنه طلب من مصر دواءً يحسّن أداءه الجنسي."فحينها، استلهم الكسواني فكرة افتتاح متجر لهذه المنتجات للسوق الفلسطينية والاقليمية واستوقف الشابين للتأكّد من أن هذه المتاجر غير متوفرة محلياّ. واعتبر أنه إذا أطلق أول متجر إلكتروني من هذا النوع في المنطقة، فلا شكّ أنه سيكون مربحاً.
ولكن، بعد مرور عامَين ونصف على هذا اللقاء وبعد الأبحاث المكثّفة التي أجراها شخصياً (التحدث مع أكثر من 70 صيدلياً من رام الله ونابلس وبيت لحم والخليل) وتلك التي جمعها من خبراء في المنطقة، تبدّلت دوافعه. ويشرح "بعد الاستماع الى قصص صادمة حول نقص المعرفة والتعليم" في المنطقة وكيف ينعكس ذلك على الزواج والعائلات والقرى بأكملها، باتت مهمته الخدمة العامة والتعليم عوضاً عن المكافأة المالية. ويقول "في نهاية المطاف، أريد ألا تعتبر مناقشة الحياة الجنسية مع زوجك أو زوجتك أو أخصائي صحة أمراً "حرام" أو "عيب"."
ويطلّ "كرز"، ثمرة أبحاث وعمل الكسواني، كمصدر تعليمي عن الصحة الجنسية والعلاقات ويتضمّن مدوّنة ومقالات تعالج مواضيع متعلّقة بالجنس للمتزوجين. وشرح لنا الكسواني، في أحد المقاهي الرائجة في رام الله، أنه أطلق أيضاً متجراً للتجارة الالكترونية الحلال لبيع المنتجات الحميمة والأمور التي تحسّن العلاقة الزوجية." ويعرض الموقع زيوتاً للتدليك وملابس داخلية وأزياء وشموع فرمونية ومنشطات. وحصل المشروع مؤخراً على ما يقارب 100 ألف دولار كاستثمار تأسيسي من صندوق "عربرونور" الفلسطيني الذي سيوفّر أيضاً الدعم التقني واللوجيستي والارشاد ومساحات العمل وفرص التواصل الدولية.
يخطو الكسواني خطواته بحذر شديد لا سيما مع إدراكه أن السوق التي يحاول بيع هذه المنتجات فيها محافظة جداً. ويقول "أول ما قمت به عندما ولدت الفكرة هو التوجّه الى دار الإفتاء الفلسطينية وعرضت عليهم الفكرة." وهو ما زال متفاجئًا من الرد الذي تلقاه: "قالت اللجنة إن فكرتي جيدة طالما أتبع بعض التعليمات"، بما فيها أن المنتجات موجّهة للمتزوجين فقط. ولكل من يتساءلون ما إذا كان موقع "كرز" حرام، يمكنكم الاطلاع على الوثيقة التيأصدرتها اللجنة على الموقع.
وواجه عقبة أخرى ألا وهي إطلاع عائلته على الفكرة التي يطوّرها. الا أن هذه العقبة تحوّلت إلى مهارة ساعدته على تطوير عروض مقنعة لمختلف الجماهير وساعدته كثيراً في مغامرته. ويشرح لنا "والدي طبيب ولذلك، عرضت عليه الفكرة من منظور تعليمي طبيّ. أما والدتي، فهي مؤمنة جداً. وبالتالي، شرحت لها أن "كرز" قد يساهم في تقليص معدلات الطلاق ومضاعفة التجانس العائلي. وأحبَّ كلاهما الفكرة."
وعلى الرغم من انتقائه بعناية العبارات التي يعتمدها على الموقع ("المساعدة الزوجية"...) وتركيزه على أهدافه المدافعة عن العائلة، الا أن المستثمرين حذرون جداً. فرُفض أول عرض لفكرته أمام المستثمرين على الفور لأنه اعتبِر "مخاطرة كبيرة" على الرغم من أن مدراء الصندوق أعجبوا بالمشروع ووافقوا على مساعدته في ايجاد المستثمرين خارج البرنامج. وققبل ستة أيام فقط من تنظيم أول فعالية لـ"عربرونور" Arabreneur لعرض الأفكار في الخريف الماضي، قرر المجلس دعوة الكسواني للاشتراك. ويضحك قائلاً "كان أمامي ستّة أيام لأجمع كلّ ما تعلّمته خلال عامَين" وأقدّم اقتراحاً متماسكاً بما فيه موقع إلكتروني. وعلى الرغم من ضيق الوقت، كان عرض فكرته جيداً بما يكفي ليفوز باستثمار من "عربرونور".
وسمح هذا الاستثمار للكسواني بالاستقالة من وظيفته بدوام كامل في المنظمة غير الربحية "أميدسيت" AMIDEAST بالاضافة الى توظيف ثلاثة أشخاص، كاتب مستقّل في عمان ( يكتب تدوينات على الموقع تحت الاسم المستعار "شهرزاد")، ومدير لحسابات الشركة على مواقع التواصل الاجتماعي وأيضاً محرّر في نابلس ومطوّر في ألمانيا، على الرغم من أن المبيعات "لم تحقق بعد ما يكفي لدفع رواتب الموظفين."
ويكمن أحد أهداف "كرز" الفورية في "زيادة عدد زيارات الموقع" وبالطبع تحويل أي زيادة في الزوار الى مبيعات. ولكن، يأمل الكسواني أن يبني منصة لاتمام الطابع التعليمي لمهمته. أولاً، يجدر به إذاً نشر 200 مقالاً على الأقل على الموقع؛ فحينها، سيركّز الكسواني على تطوير "الاستشارات الالكترونية" مع أطباء وممرضات وعلماء نفس ومعالجين وشيوخ لكل الأفراد الذين يشعرون بالخجل من طرح أسئلتهم مباشرة أو للذين يعيشون في مناطق نائية. وساعدته عائلته على التواصل مع ستّة أطباء وأخصائيي صحة جنسية في الولايات المتحدة وفلسطين والامارات العربية المتحدة وثلاثة شيوخ من مصر والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة.
في البداية، أراد الكسواني أن يطلق هذه الفكرة من باب ريادة الأعمال، إلا أنه اليوم يركّز (والموقع أيضاً) على التعليم والرعاية الاجتماعية. وينتاب الحماس الكسواني عندما يتحدّث عن بريد إلكتروني وصله من أحد المعجبين أكثر منه عندما يتحدث عن العائدات المحتملة. ففي النهاية، "انطلقت "كرز" لمعالجة الوعي والتعليم من خلال باقة واسعة من المواضيع"، بما فيها الدين والثقافة والصحة. وفي حال نجح في جمع ثروة بفضل هذا المشروع، فلن يكون إلاّ ممتنّاً.
--
ستيفاني دارك تايلور هي مديرة تحرير اللغة الانجليزية في "ومضة". بإمكانك التواصل معها على تويتر عبر @sdarct.